يمكنكم تحميل الكتاب من الرابط الآتي
http://dl.dropbox.com/u/20462054/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%BA%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A2%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D9%86%D8%A9.rarتقديم
الحمد لله رب العالمين ’ والصلاة والسلام على خاتم النبيين , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين , أما بعد :
فإن المتابع للاقتصاد العالمي – فضلا عن الاقتصاد الإسلامي – لايخفى عليه ملاحظة هذه الظاهرة - ظاهرة التعامل بالدين –التي سادت الأسواق , واتسع نطاقها حتى عمّت جل المعاملات , بين الشركات , والمؤسسات , والبنوك , والأفراد حتى بين الدول بعضها وبعض .
والمعلوم سلفًا أن الديون و المعاملات التي تدور في فلكها كثيرة , منها : ( بيع السلم , والبيع بالأجل , والبيع بالتقسيط , والقرض الصريح ) وما شابه ذلك ....
ولقد دخلت الديون بيوتا كثيرة في عصرنا الحاضر في ظل ظروف اقتصادية صعبة زاد فيها الكساد , وقل فيها الإنتاج , وكثر فيها الاستيراد , وزاد من تفاقم الأمر رغبة الكثير من الناس في التمتع بكماليات الحياة الحديثة التي باتت تعلن عن نفسها في كل مكان , وتزينت في إعلاناتها بكثير من سبل الإغراء , من شاكلة :
تمتع بكل ما تريد ولا تدفع الآن .
بدون مقدم .
بدون فوائد .
على خمسين قسطا.
أول قسط بعد ثلاثة أشهر ......
إلى آخر تلك المغريات الكثيرة , والنفس راغبة إذا رغبتها , فيجد الإنسان نفسه قد امتلك السلعة في وقته الحاضر دون أن يدفع شيئا , ولم ينظر في عاقبة أمره , وغالباً ما تكون عاقبة أمره خسراً..!!
وهكذا صار المجتمع إلى هذه الهاوية , وهي دائرة لا تكاد تنتهي , وبخاصة بعد تعذر السداد , إما بسبب
إعسار المدين , أو المماطلة وادعاء الفقر .
هذا في نوع واحد من أنواع التعامل بالدين - وهو بيع التقسيط - , فإذا نظرت إلى البنوك وما تعطيه من قروض , وإلى معاملات الشركات , والمؤسسات , هالك المشهد , ورأيت الصورة قاتمة , حتى كثرت الخلافات والقضايا المطروحة أمام القضاء بسبب الديون , وحتى أصبح الإنسان المسلم الآن لا هم له , ولا شاغل إلا كيفية سداد ما عليه من ديون , والخروج من التبعات التي فرضت عليه حينا , وسعى إليها أحيانا أخرى , وكأنني أرى الأمر مدبراً للعالم الإسلامي حتى يظل أهله في هذه الدائرة التي لا تنتهي .
ولما كانت هذه المشكلة تمس الكثيرين _ حيث هي من البلاوي العامة _ كان لابد من البحث لها عن علاج , لنخرج من هذا الطوفان الجديد , طوفان الديون .
ولا شك أن علاج مشكلات الحياة كلها كامن في كتاب الله تعالى , وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم- ولقد جاءت آية واحدة في القرآن الكريم لتعالج هذه المشكلة , وتنظم , وتضمن الحقوق المالية بين الناس , وهي أطول آية في القرآن الكريم .
فالمشكلة إذن قائمة .
والحل في كتاب الله تعالى .
والذي يبقى هو إماطة اللثام عن مقصود الآية , ودلالاتها , وجذب أنظار الناس إلي العلاج الرباني لهذه الآفة التي نحن بصددها , حتى يكون الناس على بينة من أمرهم .
كما أنه لاشك في أن علم البلاغة هو العلم الذي يضع في مقدمة أولوياته محاولة الوصول إلى أقرب مقصود من المعنى القرآني , ولذلك كان تناول هذه الآية تناولا بلاغيا يبتغى من خلاله الوصول إلى أقرب المرادات الإلهية من الآية القرآنية . وبهذا توفر للبحث مقوماته الأساسية :
فمحل البحث : آية الدين .
ونوع البحث : بحث بلاغي .
والسبب الداعي إليه : ما ألم بالمجتمع من أعباء بسبب الديون .
والغاية من البحث : محاولة الوصول إلى مراد الآية وحكمها الفصل في هذه المشكلة ؛ ليتبين لنا أيها
حق ؟
هل هو إطلاق هذا النوع من التعامل _ كما هو حادث الآن في المجتمع الإسلامي _ ؟
أم الإبقاء عليه ودعمه , ولكن بالقيود التي تهذبه ؟
أم محاربته والقضاء عليه وتجريم التعامل به ؟
والإجابة سنتعرف عليها من خلال مدارسة هذه الآية مدارسة بلاغية .
وبعد كل هذا يبقى المنهج .
فما هو المنهج الذي ينتهجه هذا البحث ؟ وما هي الخطة المرسومة لإظهاره للقارئ الكريم ؟
التمهيد وفيه
1 ) منهج البحث
2 ) خطة البحث
******
منهج البحث
وهو منهج قائم على ثلاثة محاور :
المحور الأول :
النظر إلى النص نظرة كلية عامة من الخارج ؛ لبيان موقعه ومقاصده الكلية ,
ومقصوده الأعظم , وسياقه العام والخاص .. ونحو ذلك .
المحور الثاني :
قائم على التحليل البياني , وينطلق من أعلى جزئياته , ثم ينتهي إلى أصغر جزئياته ؛
لبيان الخصوصيات البلاغية ودلالاتها , وعلاقات هذه الأجزاء ببعضها , والصور
المرسومة من خلالها , وعلاقة كل ذلك بالغرض العام .
المحور الثالث :
وهي النظرة الختامية ؛ أو ما يسمى بإعادة تركيب هذه الجزئيات لبيان الأسلوب
الشائع فيها وأثره في فهم مراد الآية , وعلاقة باقي الأساليب به .
وهذا المنهج يتيح النظر إلى النص ثلاث مرات
: ( رؤية عامة , ثم رؤية تحليلية , ثم رؤية عامة مرة أخرى )
ولاشك أن كل رؤية من هذه الثلاث تحاول الربط أو تحاول البحث عن مقصود النص عامة , أو أقرب مقصود إليه , وتلك مهمة البلاغة العُليا ؛ حيث إنني أوقن بأن علم البلاغة ليس قاصرا على تذوق الأساليب وإبراز ما فيها من جمال ؛ لأن ذلك يبعد البلاغة عن دائرة العلوم , ويلحقها بعالم الفنون .
وكل علم لابد أن يكون له دور في خدمة الإنسان ومساعدته في إعمار الحياة على وفق منهج الله تعالى ؛ ليتحقق بذلك استخلافه المأمور به من رب العزة .
ومن هنا تكون البلاغة من أشرف العلوم ؛ إذ إنها أقرب العلوم لبيان المراد من الكلام من خلال الوقوف على مفرداته , وتراكيبه , وعلاقاته , ومقاصده .
خطة البحث
يتكون هذا الكتاب من مقدمة , وتمهيد , وستة فصول , وخاتمة , وفهارس .
• في المقدمة :
أتناول وجه الحاجة إلى هذا الموضوع , ونوع الدراسة , ومحلها , والسبب الداعي إليها , ثم الغاية منها .
• وفي التمهيد :
أبين منهج البحث وخطته .
أما المنهج : فهو منهج تحليلي ذو ثلاث خطوات :
الأولى : نظرة كلية عامة .
الثانية : تحليل النص بداية , من أكبر الوحدات , وانتهاءً بأصغرها .
الثالثة : نظرة كلية أخيرة , وفيها يتم إعادة تركيب ما تم تحليله .
أما الخطة : فأظهر فيها خطوات , وتقسيمات هذا العمل من خلال فصوله المتنوعة .
• ثم يأتي الفصل الأول : النظرة الكلية الأولى للآية :
وفيه أتناول النظر إلى النص من خلال عدة أمور :
1 ) موقع سورة البقرة على مدرجة القرآن الكريم .
2 ) المقاصد الكلية داخل سورة البقرة .
3 ) وجه البلاغة في موقع الآية .
4 ) المقصود الأعظم لسورة البقرة وعلاقة الآية به .
5 ) وجه اختصاص سورة البقرة بآية الدين .
6 ) السياق العام والخاص للآية .
7 ) علاقة الآية بأول السورة وآخرها .
8 ) وجه البلاغة في طول الآية
9 ) آية المداينة بين التثقيف والتكليف .
10 ) مصطلحات وحدود .
• الفصل الثاني : المعجم اللغوي للآية ودلالته :
وفيه أتناول أساليب الآية , وأفعالها , وأسماءها , وحروفها , ثم أقف على ماوراء ذلك من معان .
• الفصل الثالث : التحليل البلاغي للآية :
وهذا هو المبحث الرئيس ؛ حيث أتناول فيه التراكيب والجمل , والمفردات بالتحليل , مبينا قدر الطاقة وجه البلاغة خلف كل لفظة وموقعها , وصيغتها , وعلاقتها , وأضع لكل جملة في الآية عنواناً من خلال الأسلوب البلاغي البارز فيها .
• الفصل الرابع : الإيقاع في آية الدين :
وأحاول في هذا الفصل تسمُّع دلالات النغم في الكلمات , والجمل , والأساليب , وأثر ذلك في بناء المعنى .
• الفصل الخامس : إعادة التركيب :
وفي أعيد النظر إلى الآية بعد التحليل ؛ لبيان ما ظهر من خلاله من أساليب مهيمنة ؛ وعلاقات هذه الأساليب .
• الفصل السادس : الأحاديث النبوية الواردة في شأن الديون :
وفيه أجمع بعض الأحاديث النبوية التي وردت في شأن الديون ؛ لبيان ما ترمي إليه الآية في مجملها , وبيان وجه الاعتلاق بين هذه الأحاديث ومضمون الآية .
ثم تأتي الخاتمة :
وفيها أحاول الوقوف على ثمرة هذا البحث , وما ينبغي علينا الأخذ به في شأن الديون .
ثم تكون الفهارس العامة للموضوعات والمراجع .....إلخ
والله تعالى من وراء القصد وهو حسبي ونعم الوكيل
دكتور / سعيد جمعة
أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية فرع جامعة الأزهر بالمنوفية .